تطور الخط العربي وظهور “خط الجليل”
شهد الخط العربي في العصر الأموي تطورًا ملحوظًا مقارنة بعصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين، وبرزت مهنة الخطاط لأول مرة رغم أن الحروف لم تكن منقطة بعد. ومن أبرز الخطاطين الذين ظهروا في ذلك الوقت كان قطبة المحرر، الذي جمع بين الخط الحجازي والكوفي ليبتكر خطًا جديدًا أطلق عليه “الجليل”. استخدم هذا الخط في تزيين أبواب المساجد ومحاريبها، وأصبح له أثر كبير في الفنون المعمارية.
مكانة الخطاطين ودورهم في تزيين القصور والمساجد
كانت القصور والمساجد في العصر الأموي تزين بخطوط بديعة، كما استخدم الخطاطون هذه الخطوط في كتابة الدواوين والسجلات الرسمية، مما جعلهم يحظون بمكانة خاصة بين الخلفاء والأمراء، حيث كانوا يشاركون في مجالسهم ويساعدونهم في كتابة دواوينهم. ولا يزال أثر هذه الخطوط واضحًا حتى اليوم في المساجد والقصور والقباب في دمشق ومدن أخرى بعيدة.
تراجع استخدام الخط الكوفي وانتشار خط الثلث
تدريجيًا، قلّ استخدام الخط الكوفي إلا في المساجد والمحاريب والمصاحف والقصور. كما استخدم الخطاطون خط الثلث، المعروف باسم “خط السجلات” بسبب استخدامه المكثف في سجلات الدولة. من جهة أخرى، كتب الخلفاء بخط الشامي وخط الطومار.
دور الخطاطين في تطور فن الخط العربي وأبرز الأسماء
كان للخطاطين في هذا العصر دور بارز في الارتقاء بالخط العربي كفن. من بين هؤلاء الخطاطين: مهدي الكوفي، مالك بن دينار، خالد بن أبي الهيّاج، والرشيد البصري. كما اشتهر خطاطون آخرون في أماكن بعيدة عن مركز الخلافة، مثل: أبو محمد الأصفهاني، أبو الفرج، ابن الحضرمي، ابن حسن المليح، شراشير المصري، وابن أبي فاطمة.
دور خلفاء بني أمية في ازدهار الخط العربي
بفضل خلفاء بني أمية، شهد الخط العربي ازدهارًا كبيرًا وأصبح جزءًا لا يتجزأ من النهضة الثقافية والفنية التي ميزت تلك الفترة. فقد اهتم الخلفاء والأمراء بالخط العربي بشكل خاص، وسعوا إلى تطويره وتوسيع استخداماته في مختلف المجالات، سواء في المعمار أو الكتابة الرسمية. انتشر الخط العربي وتطور ليزين المساجد والقصور والدواوين، مما جعله علامة فارقة في تلك الحقبة. وقد ساهم هذا الاهتمام في رفع مكانة الخطاطين وجعلهم يلعبون دورًا مهمًا في الحياة الثقافية والسياسية للدولة الأموية، وهو ما أرسى الأساس لازدهار الخط العربي عبر العصور التالية.