العودة

تاريخ الخط العربي بين بلاد فارس وسمرقند

دور فارس في ابداع فن الخط العربي

بعد انتشار الإسلام، انتقل فن الخط العربي إلى بلاد فارس، حيث تأثر الخطاطون الفارسييون بمهارة الخطاطين في بغداد، وأصبحوا بارعين في هذا الفن، مما جعلهم يشتهرون بجمال خطوطهم. وفي بغداد، برز خط التعليق في أواخر القرن الثامن الهجري، واستوحى الخطاط مير علي التبريزي هذا الأسلوب من الخطاطين العراقيين في تلك الفترة. تبنى العديد من الخطاطين طريقته، وأتقنوا هذا الخط ببراعة، بما في ذلك بعض الخطاطين من بلاد فارس.

“تطور خط النستعليق في بلاد فارس”

أنشأ الخطاطون في بلاد فارس خط جديد يمزج بين خطي النسخ والتعليق، وأطلقوا عليه اسم “النستعليق” لسهولة النطق. برع العديد من الخطاطين في إتقانه، ومن أبرزهم محمود النيسابوري، الذي كتب المصحف بهذا الأسلوب. كان المعلم مير علي التبريزي، المعروف بلقب “قبلة الكتاب”، رائدًا في وضع قواعد خط التعليق، حيث أظهر إبداعًا وتمكنًا في جميع أنواع الخطوط.

“مسيرة فن الخط في العصر الفارسي”

كان من أبرز تلاميذ المعلم الكبير مير علي التبريزي الخطاط عماد الدين الحسني، الذي نال شهرة واسعة بفضل جمال وإتقان خطه، بالإضافة إلى التزامه الصارم بالقواعد والأصول التي أرساها أستاذه. تميز الحسني بتطويره لخط التعليق، حيث قام بتحسينه من ناحية الجمال والتصميم، حيث جعله أكثر أناقة وانسجامًا. وبفضل مهارته الفائقة أطلقوا عليه لقب “ملك الخطاطين” في عصره، و كان له دور بارز في تطور فن الخط، حتى أصبح رمزًا للإبداع والتميز في فنون الكتابة. كان الحسني خطاطاً لا يكتفي بما تعلمه، بل سعى دائمًا للتجديد والتطوير مع الحفاظ على روح الأصالة.

الخط العربي في سمرقند

اختار تيمورلنك مدينة سمرقند لتكون عاصمة لدولته نظرًا لموقعها الاستراتيجي وجمالها المعماري. وعمل على تعزيز الثقافة والفنون فيها من خلال استقدام مجموعة من الفنانين والخطاطين المبدعين من بغداد، مما أسهم في ازدهار الفنون البصرية. من جهة أخرى، كانت مدينة هراة مركزًا ثقافيًا هامًا في عصر تيمورلنك، حيث اتخذها ابنه شاه رخ مقرًا له. هناك، قام شاه رخ بتأسيس معهد للفنون، والذي أصبح نقطة انطلاق للإبداع الأدبي والفني، إذ تم فيه كتابة الشعر الصوفي العظيم ونسخ الشاهنامة، مما جعل هراة تبرز كمركز ثقافي يتناغم مع روح العصر ويدعم الحركة الفنية والأدبية في تلك الفترة.

“ازدهار مدينة شيراز في عصر السلطان إبراهيم شاه رخ”

شهدت مدينة شيراز فترة ازدهار ملحوظة خلال حكم السلطان إبراهيم شاه رخ، حيث أصبحت عاصمة ثقافية وفنية بارزة في تلك الحقبة. تمثل شيراز فرعًا مهمًا من المدرسة التيمورية، التي أسسها تيمورلنك وأبناؤه، حيث كانت مركزًا لجذب العلماء والفنانين. من بين الإنجازات الأدبية التي أُنتِجَت في هذه المدينة، تُعتبر المعراجنامة واحدة من أبرز الأعمال التي تُظهر إبداع ذلك العصر. تُحفظ هذه المخطوطة القيمة حاليًا في مكتبة أهلية في باريس، مما يعكس تأثيرها الثقافي واستمرارية إرثها الأدبي على مر العصور.

MakhtotaBlog
MakhtotaBlog
احصل على مخطوطة فيكتور، ولوحات صور متميزة من هنا